سورة الأنفال - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)}
اعلم أنه تعالى لما بين أن هؤلاء الكفار إن انتهوا عن كفرهم حصل لهم الغفران، وإن عادوا فهم متوعدون بسنة الأولين، أتبعه بأن أمر بقتالهم إذا أصروا فقال: {وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} قال عروة بن الزبير: كان المؤمنون في مبدأ الدعوة يفتنون عن دين الله، فافتتن من المسلمين بعضهم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يخرجوا إلى الحبشة، وفتنة ثانية وهو أنه لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة، توامرت قريش أن يفتنوا المؤمنين بمكة عن دينهم، فأصاب المؤمنين جهد شديد، فهذا هو المراد من الفتنة، فأمر الله تعالى بقتالهم حتى تزول هذه الفتنة. وفيه وجه آخر، وهو أن مبالغة الناس في حبهم أديانهم أشد من مبالغتهم في حبهم أرواحهم، فالكافر أبداً يسعى بأعظم وجوه السعي في إيذاء المؤمنين وفي إلقاء الشبهات في قلوبهم وفي إلقائهم في وجوه المحنة والمشقة، وإذا وقعت المقاتلة زال الكفر والمشقة، وخلص الإسلام وزالت تلك الفتن بالكلية.
قال القاضي: إنه تعالى أمر بقتالهم ثم بين العلة التي بها أوجب قتالهم، فقال: {حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} ويخلص الدين الذي هو دين الله من سائر الأديان، وإنما يحصل هذا المقصود إذا زال الكفر بالكلية.
إذا عرفت هذا فنقول: إما أن يكون المراد من الآية {وقاتلوهم} لأجل أن يحصل هذا المعنى أو يكون المراد {وقاتلوهم} لغرض أن يحصل هذا المعنى فإن كان المراد من الآية هو الأول وجب أن يحصل هذا المعنى من القتال فوجب أن يكون المراد {وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ} في أرض مكة وما حواليها، لأن المقصود حصل هنا، قال عليه السلام: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» ولا يمكن حمله على جميع البلاد، إذ لوكان ذلك مراداً لما بقي الكفر فيها مع حصول القتال الذي أمر الله به، وأما إذا كان المراد من الآية هو الثاني، وهو قوله: قاتلوهم لغرض أن يكون الدين كله لله، فعلى هذا التقدير لم يمتنع حمله على إزالة الكفر عن جميع العالم لأنه ليس كل ما كان غرضاً للإنسان، فإنه يحصل، فكان المراد الأمر بالقتال لحصول هذا الغرض سواء حصل في نفس الأمر أو لم يحصل.
ثم قال: {فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} والمعنى {فَإِنِ انْتَهَوْاْ} عن الكفر وسائر المعاصي بالتوبة والإيمان {فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} عالم لا يخفى عليه شيء يوصل إليهم ثوابهم {وَإِن تَوَلَّوْاْ} يعني عن التوبة والإيمان {فاعلموا أَنَّ الله مَوْلاَكُمْ} أي وليكم الذي يحفظكم ويرفع البلاء عنكم، ثم بين أنه تعالى {نِعْمَ المولى وَنِعْمَ النصير} وكل ما كان في حماية هذا المولى وفي حفظه وكفايته، كان آمناً من الآفات مصوناً عن المخوفات.


{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}
اعلم أنه تعالى لما أمر بالمقاتلة في قوله: {وقاتلوهم} وكان من المعلوم أن عند المقاتلة قد تحصل الغنيمة، لا جرم ذكر الله تعالى حكم الغنيمة، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: الغنم: الفوز بالشيء، يقال: غنم يغنم غنماً فهو غانم، والغنيمة في الشريعة ما دخلت في أيدي المسلمين من أموال المشركين على سبيل القهر بالخيل والركاب.
المسألة الثانية: قال صاحب الكشاف: {مَا} في قوله: {مَا غَنِمْتُم مّن شَيء} موصولة وقوله: {مِن شَيء} يعني أي شيء كان حتى الخيط والمخيط {فَأَنَّ للَّهِ} خبر مبتدأ محذوف تقديره: فحق أو فواجب أن لله خمسه، وروى النخعي عن ابن عمر {فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} بالكسر، وتقديره: على قراءة النخعي فلله خمسه والمشهور آكد وأثبت للإيجاب، كأنه قيل: فلابد من إثبات الخمس فيه، ولا سبيل إلى الإخلال به، وذلك لأنه إذا حذف الخبر واحتمل وجوهاً كثيرة من المقدرات كقولك ثابت: واجب، حق، لازم، كان أقوى لإيجابه من النص على واحد، وقرئ {خُمُسَهُ} بالسكون.
المسألة الثالثة: في كيفية قسمة الغنائم.
اعلم أن هذه الآية تقتضي أن يؤخذ خمسها، وفي كيفية قسمة ذلك الخمس قولان:
القول الأول: وهو المشهور أن ذلك الخمس يخمس، فسهم لرسول الله، وسهم لذوي قرباه من بني هاشم وبني المطلب، دون بني عبد شمس وبني نوفل، لما روي عن عثمان وجبير بن مطعم أنهما قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هؤلاء إخوتك بنو هاشم لا ينكر فضلهم لكونك منهم أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وحرمتنا، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال عليه السلام: «إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه» وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل، وأما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعند الشافعي رحمه الله: أنه يقسم على خمسة أسهم، سهم لرسول الله، يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين، كعدة الغزاة من الكراع والسلاح، وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفرق الثلاثة وهم: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام سهمه ساقط بسبب موته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم، فهو أسوة سائر الفقراء، ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وقال مالك: الأمر في الخمس مفوض إلى رأي الإمام إن رأى قسمته على هؤلاء فعل، وإن رأى إعطاء بعضهم دون بعض، فله ذلك.
واعلم أن ظاهر الآية مطابق لقول الشافعي رحمه الله وصريح فيه، فلا يجوز العدول عنه إلا لدليل منفصل أقوى منها، وكيف وقد قال في آخر الآية: {وَقَالَ موسى ياقوم إِن} يعني: إن كنتم آمنتم بالله فاحكموا بهذه القسمة، وهو يدل على أنه متى لم يحصل الحكم بهذه القسمة، لم يحصل الإيمان بالله.
والقول الثاني: وهو قول أبي العالية: إن خمس الغنيمة يقسم على ستة أقسام، فواحد منها لله، وواحد لرسول الله، والثالث لذوي القربى، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل قالوا: والدليل عليه أنه تعالى جعل خمس الغنيمة لله، ثم للطوائف الخمسة، ثم القائلون بهذا القول منهم من قال: يصرف سهم الله إلى الرسول، ومنهم من قال: يصرف إلى عمارة الكعبة.
وقال بعضهم: إنه عليه السلام كان يضرب يده في هذا الخمس، فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة، وهو الذي سمى لله تعالى.
والقائلون بالقول الأول أجابوا عنه: بأن قوله: {لِلَّهِ} ليس المقصود منه أثبات نصيب لله. فإن الأشياء كلها ملك لله، وملكه وإنما المقصود منه افتتاح الكلام بذكر الله على سبيل التعظيم، كما في قوله: {قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول} واحتج القفال على صحة هذا القول بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال لهم في غنائم خيبر: «مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم» فقوله: مالي إلا الخمس يدل على أن سهم الله وسهم الرسول واحد، وعلى الإضمام سهمه السدس لا الخمس، وإن قلنا: إن السهمين يكونان للرسول. صار سهمه أزيد من الخمس، وكلا القولين ينافي ظاهر قوله: مالي إلا الخمس هذا هو الكلام في قسمة خمس الغنيمة، وأما الباقي وهو أربعة أخماس الغنيمة فهي للغانمين. لأنهم الذين حازوه واكتسبوه كما يكتسب الكلأ بالاحتشاش، والطير بالاصطياد، والفقهاء استنبطوا من هذه الآية مسائل كثيرة مذكورة في كتب الفقه.
المسألة الرابعة: دلت الآية على أنه يجوز قسمة الغنائم في دار الحرب، كما هو قول الشافعي رحمه الله، والدليل عليه: أن قوله: {فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} يقتضي ثبوت الملك لهؤلاء في الغنيمة، وإذا حصل الملك لهم فيه، وجب جواز القسمة لأنه لا معنى للقسمة على هذا التقدير إلا صرف الملك إلى المالك، وذلك جائز بالاتفاق.
المسألة الخامسة: اختلفوا في ذوي القربى. قيل: هم بنو هاشم.
وقال الشافعي رحمه الله: هم بنو هاشم وبنو المطلب.
واحتج بالخبر الذي رويناه. وقيل: آل علي، وجعفر، وعقيل، وآل عباس، وولد الحرث بن عبد المطلب، وهو قول أبي حنيفة.
المسألة السادسة: حكى صاحب الكشاف عن الكلبي: أن هذه الآية نزلت ببدر.
وقال الواقدي رحمه الله: كان الخمس في غزوة بني قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهراً من الهجرة.
ثم قال تعالى: {وَقَالَ موسى ياقوم إِن} والمعنى اعلموا أن خمس الغنيمة مصروف إلى هذه الوجوه الخمسة فاقطعوا عنه أطماعكم واقنعوا بالأخماس الأربعة {واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَيء فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} يعني: إن كنتم آمنتم بالله وبالمنزل على عبدنا يوم الفرقان، يوم بدر. والجمعان: الفريقان من المسلمين والكافرين، والمراد منه ما أنزل عليه من الآيات، والملائكة، والفتح في ذلك اليوم {والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} أي يقدر على نصركم وأنتم قليلون ذليلون والله أعلم.


{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)}
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في قوله: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدنيا} قولان:
أحدهما: أنه متعلق بمضمر معناه واذكروا إذ أنتم كذا وكذا، كما قال تعالى: {واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ} [الأنفال: 26] والثاني: أن يكون قوله: {إِذْ} بدلاً عن يوم الفرقان.
المسألة الثانية: قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {بِالْعُدْوَةِ} بكسر العين في الحرفين. والباقون بالضم، وهما لغتان.
قال ابن السكيت: عدوة الوادي وعدوته جانبه، والجمع عدى، وعدي.
قال الأخفش: الكسر كلام العرب لم يسمع عنهم غير ذلك.
وقال أحمد بن يحيى: الضم في العدوة أكثر اللغتين.
وحكى صاحب الكشاف: الضم والفتح والكسر. قال: وقرئ بهن و{بالعدية} على قلب الواو ياء، لأن بينها وبين الكسر حاجزاً غير حصين، كما في الفتية.
وأما {الحياة الدنيا} فتأنيث الأدنى وضده {القصوى} وهو تأنيث الأقصى، وكل شيء تنحى عن شيء، فقد قصا، والأقصى والقصوى كالأكبر والكبرى.
فإن قيل: كلتاهما فعلى من باب الواو، فلم جاءت إحداهما بالياء والثانية بالواو؟
قلنا: القياس قلب الواو ياء، كالعليا.
وأما القصوى، فقد جاء شاذاً، وأكثر استعماله على أصله.
المسألة الثالثة: المراد بالعدوة الدنيا، ما يلي جانب المدينة، وبالقصوى، ما يلي جانب مكة وكان الماء في العدوة التي نزل بها المشركون، وكان استظهارهم من هذا الوجه أشد {والركب} العير التي خرجوا لها كانت في موضع {أَسْفَلَ مِنكُمْ} إلى ساحر البحر {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ} أنتم وأهل مكة على القتال، لخالف بعضكم بعضاً لقلتكم وكثرتهم {ولكن لّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} أي أنه يثبتكم الله، وينصركم، ليقضي أمراً كان مفعولاً، واجباً أن يخرج إلى الفعل وقوله: {لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ} بدل من قوله: {لّيَقْضِيَ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: لا شك أن عسكر الرسول عليه السلام في أول الأمر كانوا في غاية الخوف والضعف بسبب القلة وعدم الأهبة، ونزلوا بعيدين عن الماء، وكانت الأرض التي نزلوا فيها أرضاً رملية تغوص فيها أرجلهم.
وأما الكفار، فكانوا في غاية القوة بسبب الكثرة في العدد، وبسبب حصول الآلات والأدوات، لأنهم كانوا قريبين من الماء، ولأن الأرض التي نزلوا فيها كانت صالحة للمشي، ولأن العير كانوا خلف ظهورهم، وكانوا يتوقعون مجيء المدد من العير إليهم ساعة فساعة، ثم إنه تعالى قلب القصة وعكس القضية، وجعل الغلبة للمسلمين، والدمار على الكافرين فصار ذلك من أعظم المعجزات وأقوى البينات على صدق محمد صلى الله عليه وسلم، فيما أخبر عن ربه من وعد النصر والفتح والظفر. فقوله: {لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ} إشارة إلى هذا المعنى، وهو أن الذين هلكوا إنما هلكوا بعد مشاهدة هذه المعجزة، والمؤمنون الذين بقوا في الحياة شاهدوا هذه المعجزة القاهرة، والمراد من البينة هذه المعجزة.
المسألة الثانية: اللام في قوله: {لّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} وفي قوله: {لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ} لام الغرض، وظاهره يقتضي تعليل أفعال الله وأحكامه بالأغراض والمصالح، إلا أنا نصرف هذا الكلام عن ظاهره بالدلائل العقلية المشهورة.
المسألة الثالثة: قوله: {لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ} ظاهره يقتضي أنه تعالى أراد من الكل العلم والمعرفة والخير والصلاح، وذلك يقدح في قول أصحابنا: أنه تعالى أراد الكفر من الكافر، لكنا نترك هذا الظاهر بالدلائل المعلومة.
المسألة الرابعة: قوله: {ويحيى مَنْ حَىَّ عَن بَيّنَةٍ} قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم والبزي عن ابن كثير ونصير عن الكسائي {مِنْ} بإظهار الياءين وأبو عمرو، وابن كثير برواية القواس، وابن عامر وحفص عن عاصم والكسائي بياء مشددة على الإدغام.
فأما الإدغام فللزوم الحركة في الثاني، فجرى مجرى رد لأنه في المصحف مكتوب بياء واحدة.
وأما الإظهار فلامتناع الإدغام في مضارعه من يحيى فجرى على مشاكلته، وأجاز بعض الكوفيين الإدغام في {وَلاَ يحيى}.
ثم إنه تعالى ختم الآية بقوله: {وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي يسمع دعاءكم ويعلم حاجتكم وضعفكم، فأصلح مهمكم.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11